القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
الصيام آداب وأحكام
81529 مشاهدة print word pdf
line-top
تحري ليلة القدر في العشر الأواخر

يرجع سبب فضل ليالي العشر إلى أن فيها ليلة القدر؛ يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث سلمان الطويل في فضل شهر رمضان: شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم وهذه الليلة قد أخفي العلم بعينها، فلم يطلع الله عليها أحدا من خلقه، والسبب في ذلك طلب الاجتهاد في بقية الليالي، فإنهم لو علموا عينها لناموا في بقية الليالي، وقاموا هذه الليلة وحدها، ولم يحصل لهم زيادة الأعمال، فإذا أبهمت في هذه الليالي فإنهم يجتهدون، فيقومون في كل ليلة جزءا رجاء أن يوافقوها، فكلما جاءت ليلة قال أحدهم: أرجو أن تكون هذه هي الليلة التي هي خير من ألف شهر فيقومها.
فإذا جاءت الليلة التي بعدها قال: قد تكون هذه، إلى أن تنتهي أيام العشر، فيحصل على أجر كثير، وتتضاعف له الحسنات، ويكون ممن عبد ربه عبادة متتابعة، لا عبادة منقطعة قليلة. أما تعيين تلك الليلة فقد اختلف فيها اختلافا كثيرا ، حتى وصلت الأقوال فيها إلى أكثر من أربعين قولا كما في فتح الباري، وكلها ليست بيقين.
فمنهم من قال: إنها ليلة إحدى وعشرين، واستدل بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إني رأيت في صبيحتها أني أسجد في ماء وطين . قال أبو سعيد راوي الحديث: فأمطرت السماء فوكف سقف المسجد، فانصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى جبهته أثر الماء والطين ورجّح الإمام الشافعي ليلة إحدى وعشرين لهذا الحديث.
ومنهم من قال: هي ليلة ثلاث وعشرين، واستدل بأنه - صلى الله عليه وسلم - حث على قيام السبع الأواخر مرة، ثم قال: كم مضى من الشهر؟ قالوا: مضى ثنتان وعشرون، وبقي ثمان، قال: بل مضى ثنتان وعشرون وبقي سبع، فإن الشهر لا يتم، اطلبوها الليلة، (يعني ليلة ثلاث وعشرين) ذكره ابن رجب في الوظائف.
ومنهم: من رجح ليلة أربع وعشرين، وذلك لأنها أولى السبع الأواخر، واستدل بأنه - صلى الله عليه وسلم - لما رأى كثير من أصحابه ليلة القدر في السبع الأواخر قال: أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فتحروها أو قال: فمن كان متحريها فليتحرَّها في السبع الأواخر والسبع الأواخر أولها ليلة أربع وعشرين إذا كان الشهر تاما .
ومنهم من قال: إنها تطلب في ليالي الوتر من العشر كلها؛ وذلك لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: التمسوها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان والوتر هي الليالي الفردية، وبالرجوع إلى ما مضى فليالي الوتر هي ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين، فهذه أوتارها بالنسبة إلى ما مضى.
وإذا قلنا: إنها بالنسبة إلى ما بقي فهي الليلة الأخيرة التي ما بعدها إلا ليلة واحدة، وليلة ثمان وعشرين، وليلة ست وعشرين، وليلة أربع وعشرين، وليلة اثنتين وعشرين، وعلى هذا تكون ليالي العشر كلها محلا للطلب والالتماس.

line-bottom